jeudi 1 janvier 2015

لعنة القاعة عدد 2

و أنا اجلس في قاعة الجلسة عدد 2 بالمحكمة الابتدائية بأريانة لمتابعة جلسة محاكمة السينمائية ايناس بن عثمان و التي تقبع في سجن منوبة منذ اكثر من 10 ايام بتهمة هضم جانب موظف اثناء أدائه لعمله في قضية لفقت لها و تمت فبركتها من قبل من كانوا الخصم و الحكم فيها ، عادت بي الذاكرة الى القاعة عدد 2 بالمحكمة الابتدائية بتونس و بالتحديد الى جلسة حضرتها منذ 5 سنوات خلت...
تشابهت الجلستان .و تطابقت تفاصيلهما و ما اختلفت سوى التهمة فبعد ان كانت التهمة المحبذة لديهم لإسكات الأصوات الصادحة بالحق هي السكر و العربدة و التشويش في الطريق العام و الاعتداء على الأخلاق الحميدة أصبحت التهمة ال standard هي هضم جانب موظف اثناء أدائه لعمله و ما هذا الموظف في اغلب الحالات سوى عون أمن بريء او ملاك سلم و سلام يسهل هضم جانبه شاءت الاقدار ان يرتدي زي البوليس.

يومها كان عدد المحامين كبيرا كما كان عليه اليوم . يومها هبوا متطوعين لمناصرة طالب لفقت له التهم و عذب لانه تجرا على الإدلاء بحوار صحفي عن الوضعية الحقيقية للبلاد التونسية تحت حكم الدكتاتور و اليوم هبوا متطوعين لأنهم آمنوا ببراءة ام فتاة ال 5 سنوات التي شوه ملائكة مركز حي النصر سيرتها و اعتدوا على عرضها مما ينسب اليها ...

يومها كنت و والد الطالب المساندين الوحيدين له و اليوم اختلفت الصورة بعض الشيء و كبر العدد و ان لم يكن كما خلته فالمساواة تبقى دائما مساندة افتراضية تعوق تحولها الى مساندة حقيقية العوامل المناخية و البسيكولوجية و غيرها ...

ذاك النهار كانت القاعة غاصة لا بأهالي المتهمين و عائلاتهم بل برجال شرطة بن علي فتابعت المحاكمة محاكمة ارهابي مخطر و لم يختلف الحال اليوم هؤلاء بزي مدني و أولئك بزي ملائكة الرحمة الرسمي . 






يومها ابدع عبد الناصر و ليلى و راضية و الهمامي و غيرهم في مرافعاتهم و قدموا الدلائل و القرائن و كذلك كان الامر اليوم أطنب الاستاذ الحجري في المرافعة في الثغرات الشكلية مطالبا بسراح ايناس و تحدث عن اعتماد هذه التهمة لإسكات الجميع و كذلك فعل الاستاذ الرداوي الذي اثبت بأدق التفاصيل بان المحاكمة غير قانونية و كانت مرافعته أشبه ما يكون بدرس في اروقة جامعة قانون ... و واصل البقية ليلى فمفيدة فمنية فالهمامي فالزين فعبد الناصر فابدعوا و أقنعوا ...

يومها ابتسم القاضي و فسح المجال للجميع ليترافعوا و مازح هذا و ذاك و هكذا فعلت القاضية و هي تحاكم ايناس. يومها رفع الطالب راْسه عاليا و هو يمثل امام الرئيس و هكذا فعلت ايناس

قلت تشابهت التفاصيل و تطابقت و خلت ان النتيجة ستكون مختلفة و ان العدالة اختارت نزع زي التعليمات و الموالاة و طهرت نفسها مما شابها من أوساخ و أدران و لكن هيهات ... يومها صعقت بالحكم و ما اختلف الحال هاته المرة ... فكفانا شعارات جوفاء كفانا هراء كفانا حديثا عن إصلاح منظومة أمنية و عن تطهير قضاء ... فلنعترف اننا فشلنا في إصلاح ما فسد و لنحاسب أنفسنا و ننطلق في مرحلة نقد ذاتي نحدد فيها أخطاءنا و نحاول إصلاحها ... كفانا نفاق...

ايناس حرمت عائشة من أحضانك ليلة ابتدا العام الجديد ايناس عشت قر الزنزانة في ليلة عجزت فيها اجهزة التدفئة عن بث بعض من دفء في عظامنا حرمت الابنة و الام و الأب و الحبيب و لكنك خضت و تخوضين و ستخوضين المعركة برأس مرفوع و ستنتصرين و أنا اجلس في القاعة حيث تحاكمين سالت دمعة على خدي لا رأفة و شفقة على حالك بل اعجابا بوقفتك و بشموخك و رأفت بمن لفق لك التهمة و من حاكمك بتعليمات لا علاقة لها بكل القوانين

صبرا يا صديقتي صبرا فستنتصرين .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

مجرد رأي

نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...